مستقبلنا الأخضر يبدأ الآن: دور الذكاء الاصطناعي في التجديد الشامل للنظام البيئي في العلا

نتج عن الذكاء الاصطناعي تسارع متزايد في عجلة الابتكار، ورسم لنا آفاقاً غير محدودة من الإمكانيات في مختلف القطاعات، ومن أهمها حماية الطبيعة، والاستدامة، والتجديد البيئي الشامل.

تلتزم العلا بتنفيذ شعار «الابتكار وليد اللحظة» بمنتهى الشغف والتفاني مع توظيفها تقنية الذكاء الاصطناعي لتحقيق تغييرات ملموسة وطويلة الأمد في المناظر الطبيعية، وتنفيذها على نطاق غير مسبوق. تُذكّرنا هذه المبادرات الدؤوبة بالحضارات التي احتضنتها الواحة الغنّاء في قديم الزمان، وما بذلته شعوبها من جهود في تحدي المألوف، وابتكار أساليب جديدة في الزراعة.

توسّعت جهود استعادة النظام البيئي في العلا لتشمل ستّ محميات طبيعية (شرعان، وادي نخلة، الغراميل، حرة عويرض، حرة الزبن، حرة خيبر) حيث تتنوّع المواطن البيئية لمختلف أشكال الحياة. خلال السنوات القادمة، يطمح فريق الحفاظ على الحياة البرية والتراث الطبيعي إلى استعادة 65 ألف هكتار من الأراضي المتضررة داخل هذه المحميات الطبيعية، والتي تغطي ما يزيد عن 50% من مساحة المحافظة.

تبيّن أنّ المسوحات الميدانية اليدوية تُعتبر تحدياً كبيراً أمام الفريق، وأنّ جهود التجديد تتطلب كمية كبيرة من البيانات نظراً للمساحة الشاسعة للأراضي، مما يدفعهم للسعي إلى طرق بديلة لتحصيل بيانات عالية الجودة على نطاق أوسع... وهنا يأتي دور تقنية الذكاء الاصطناعي.

يتوفّر حالياً موقع تجريبي لتجديد النظام البيئي بمساحة 100 هكتار في محمية شرعان الطبيعية، حيث يعمل الخبراء بنشاط وحماس تام نحو إحداث تحوّل جذري ودائم في أراضي العلا. نشأ الموقع التجريبي عام 2021 بهدف زراعة أكثر من 35,000 شتلة صغيرة، ويمثل مختبراً في الهواء الطلق يُمكّن العلماء والباحثين في مجال البيئة من تجربة الأساليب المتنوّعة في استصلاح الأراضي القاحلة، والتي لا تحظى بقدر كافٍ من البحث بالمقارنة مع غيرها.

ومع إدراك الحاجة لتوسيع عملية الاستصلاح لتتجاوز المساحة الحالية 100 هكتار خلال الفترة القادمة، يتم توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات المكثّفة وتحليلها بدقة عالية، دون الاستهلاك المُفرط للموارد.

تستخدم العلا العديد من الأساليب في مجال إدارة وتجديد البيئة، ومن أهمها:

الاستشعار عن بعد: يوظّف تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل صور المروحيات المُسيّرة بهدف توفير بيانات مفصّلة في الوقت الحقيقي حول ظروف المواطن البيئية المتنوّعة، وتنوّع أشكال الحياة، وجملة التفاعلات ضمن مختلف النُظم البيئية.

النمذجة التنبؤية: تتنبأ نماذج الذكاء الاصطناعي بالتأثير الذي يطرأ عن التغيرات البيئية، وتساعد في تخطيط عملية التجديد، وتقديم التوقعات حول النتائج طويلة الأمد لمختلف استراتيجيات التدخل البشري.

المراقبة الآلية: تعمل الكاميرات وأجهزة الاستشعار المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي بمراقبة صحة المَواطن البيئية ومستوى التقدم في عملية تجديدها، ما يفسح مجالاً للإدارة التكيّفية والتدخل البشري المُبكر.

وظائف النظام البيئي: يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المتعلّقة بالمياه، والتربة، والنباتات بهدف تقديم التوجيهات في عملية تجديد المواطن البيئية والوظائف الحيوية ضمن النُظم البيئية.

المراقبة والتقييم: يمكن لأنظمة المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي رصد مستوى التقدم والنجاح في جهود التجديد، وتوفير بيانات تُسهم في تصميم استراتيجيات مُحكمة للإدارة التكيفية.

تهدف هذه المبادرات بصورة جوهرية إلى تجديد أرض العلا بشكل شامل كي تواصل عطائها الوفير لأهلها وضيوفها، تحقيقاً لرؤية الاستدامة التي كانت أساساً في عملية تطوير المنطقة منذ البداية.

يضمن هذا المستقبل الواعد بالابتكار، والتجديد، والازدهار عودة الحيوانات والنباتات المحلية إلى مواطنها الطبيعية، والتقدّم المستمر لجهود الإصلاح البيئي في اتّساق تام مع تطور المشهد السياحي، والتراثي، والثقافي لأرض الحضارات.

المقالات

تعرّف على حكايات المعالم الشهيرة في العلا، وتفاصيل التجارب المشوّقة، وغيرها الكثير عن مُختلف المواضيع المتعلّقة بهذه الوجهة الاستثنائية مع مجموعة مُختارة من مقالات السفر والعطلات التي أعدّها المختصّون في هذا المجال.

 

اقرأ جميع المقالات